هل يمكن زيادة ذكاء الإنسان ..؟؟؟؟
لقد أثير جدل كبير في هذا القرن بين علماء النفس حول هل الذكاء مكتسب أم موروث؟ وكانت قمة الخلاف في المعركة الفكرية التي دارت في مطلع الثمانينات بين هانز أيزنك الذي يمثل المدرسة الوراثية وليون كامن الذي يمثل المدرسة البيئية وطبعت في كتاب بعنوان الذكاء معركة العقل (Intelligence The Battle For The Mind ) وقد قام الدكتور عمر الشيخ مشكوراً بنقل هذا الكتاب إلى العربية ونشره عام 1983 م بعنوان ( الذكاء طبيعته وعواقبه الاجتماعية ) وهو كتاب قيم غفل عنه كثير من التربويين في البلاد العربية .
فما هو الذكاء هل هو قدرة عامة واحدة أم يتكون من عدة قدرات ؟ وهل الذكاء صفة مستقرة ، أي غير قابلة للزيادة ، أم انه صفة قابلة للزيادة ؟ وهل لفوارق الأفراد في الجنس أو العرق أو الطبقة الاجتماعية اثر في فوارق الذكاء بينهم ؟ وهل يمكن زيادة ذكاء الفرد أو التدخل فيه ؟ وكيف يتم ذلك ؟ ثم ما هي العواقب الاجتماعية والتربوية والسياسية المترتبة على ذلك ؟
إن كثيراً من القرارات التربوية والاجتماعية والسياسية تتوقف على نظرتنا في الذكاء بقطع النظر عن كون هذه النظرة صائبة أم لا ؟ فقد يترتب على نظرة المدرسة الوراثية للذكاء التخلي عن التدابير التي تتخذ لرفع مستوى الذكاء عند أفراد الفئات الفقيرة أو المحرومة ثقافياً أو النظر إلى بعض الأعراق البشرية أنها غير مؤهلة للذكاء بحجة أن الذكاء ذو موروثية عالية . كذلك قد تتضمن نظرة المدرسة الوراثية تكريس التمييز العنصري والفوارق الاجتماعية والمهنية بحجة أن مردها إلى درجة كبيرة من الرصيد الوراثي من الذكاء . وقد يستدل المرء بهذه التضمنات أن الوراثيين ينادون بدوام اللا مساواة الاجتماعية وبهيمنة فئة معينة على سائر الفئات . وهذه التضمنات هي بالفعل ما يثير سخط البيئيين وعدد كبير من التربويين والعاملين الاجتماعيين . إذا بموجب هذه النظرة الوراثية يصبح العمل التربوي والعمل الاجتماعي جهداً ضائعاً لا نفع يرجى منه ( عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 6 ).
وقد رأينا بعض آثار المدارس الفكرية السياسية التي بنيت على المدرسة الوراثية مثل نظرية تفوق الرجل الأبيض أو تفوق العنصر النازي أو الفاشية أو نظرية شعب الله المختار وما ترتب على ذلك من حروب وويلات قاست منها الشعوب البشرية في العالم وبخاصة في جنوب أفريقيا وفلسطين المحتلة .
وقد بدأت المدرسة الوراثية تتراجع عن كثير من أفكارها فيما يختص بالذكاء وتنميته . وقد بدأها عالم بارز ينتمي إلى المدرسة الوراثية وهو آرثر جنسن ( Arther Jensen ) بمقالتين نشرهما عامي 1968 ، 1969 م : الأولى في مجلة البحث التربوي الأمريكية( Am . J.E.R ) والثانية في مجلة هارفارد التربوية ( Harvard Ed . Rev ) تركزت في إمكانية تنمية الذكاء وبالتالي التحصيل المدرسي بالبرامج التعويضية التي صممت خصيصاً للطلبة غير المحظوظين ثقافياً والقابلية للتعلم . ( عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 7 ) .
ومما يدعو للاستغراب أن كثيراً من الإيديولوجيات الاجتماعية التي يؤمن بها بعض الباحثين تؤثر على نتائج بحوثهم وقد تدفعهم إلى تزوير الحقائق العلمية و إلى توجيه مسارات البحث لخدمة إيديولوجيتهم بغير وجه حق .
وقد تدفعهم إلى تسويق أفكارهم الخاصة على أنها أفكاراً علمية ، مثلما دفعت باحثاً بارزاً هو سرل بيرت إلى التلفيق والتزوير ( عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 6 ) . وقد لا تستغرب من حماس هانز أيزنك للمدرسة الوراثية فهو من مواليد برلين في ألمانيا عام 1916 م وهذا يعني أنه عايش الفترة التي سيطر فيها الفكر النازي على ألمانيا .
ويقدر الوراثيون المعتدلون أن أهمية البيئة تبلغ ربع أهمية الوراثة . إذ تفسر العوامل الوراثية في رأيهم 80% من الفوارق في الذكاء في حين أن البيئة تفسر 20% منها . (عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 8 – 13 ) .
وإن هذا الرأي يقود إلى تناقص شقة الخلاف بين الوراثيين والبيئيين ، بحيث ينحصر الخلاف بينهما في النسبة المئوية للعوامل الوراثية وللعوامل البيئية في تفسير فوارق الذكاء . وتقترب المدرستان مما روي عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه انه قال : " العقل عقلان مطبوع ومسموع ، ولا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع كما لا تنفع العين وضوء الشمس ممنوع " أي أن لكل من العوامل الوراثية والعوامل البيئية أثرها على نمو الذكاء .
ويرى فيشر ( Fisher ) وهو كما يبدو من أنصار المدرسة البيئية أن النظرية القائلة بأن الذكاء مقادير محددة وزعت على الأطفال بكميات متفاوتة أصبحت نظرية قديمة . وقد عارضها كثير من نتائج الأبحاث الميدانية .. وأصبح هدف كثير من الأبحاث معرفة الطرق التي يرفع بها مستوى الذكاء من خلال تعليم مهارات التفكير (Fisher , 1990, P.5 - 13 ) .فنحن ندِّرس الأطفال مجموعة من المهارات مثل مهارات التعبير والمهارات الرياضية والاجتماعية والقرائية والكتابية فلماذا لا ندرِّسهم مهارات التفكير ؟ كثير من الأبحاث الميدانية المعاصرة منصبة على معرفة التفكير ، وهي في الغالب تسعى للإجابة عن أسئلة مثل:
• ما هي خصائص السلوك الذكي ؟
• ما هي الإستراتيجيات التي يمتاز بها المفكر الناضج الناجح ؟
• ما هي نقاط الضعف في التفكير ؟ وكيف نجنب الأطفال هذه النقاط ؟
ومن الأسئلة التي ينبغي أن يعتاد عليها الآباء والمعلمون للأطفال هو : لماذا لا تفكر ...؟
فإذا استطعنا تنمية المهارات التي يتكون منها الذكاء نكون قد نمينا الذكاء .
وإذا لم يشجع الأطفال على التفكير بأنواعه منذ الصغر سوف يتوقفون عن التفكير والتأمل ، في حال أنهم في حاجة ماسة للتفكير الإبداعي والتفكير الناقد ليحضروا أنفسهم للتكيف في عالم سريع التغير ويتمكنوا من حل المشكلات التي تواجههم . فماذا نقصد بهذه المصطلحات ؟ وما هو التفكير الإبداعي ؟ وكيف يمكن تشجيعه ؟
يمكن القول بكثير من الثقة : إن التفكير الإبداعي هو إعادة ترتيب ما تعرفه بطريقة تؤدي لمعرفة ما لا تعرفه .
والتفكير الإبداعي هو القدرة على أن تنظر نظرة جديدة إلى المستقرات والأشياء التي تعتبرها من الأشياء المسلم بها . إن التفكير الإبداعي يمثل السياق اللازم للاكتشافات وتوليد النظريات والفرضيات . أما التفكير الناقد فهو السياق اللازم لتوليد الاختبارات والتبريرات وقبول المنطق والبرهان .
والمقصود بالتفكير الناقد في سياق تعليم التفكير ليس ذلك التفكير الذي يبحث عن الأخطاء أو الجوانب السلبية فقط ولكنه التفكير الذي يقدر العقل والمنطق . إن الطالب الذي يفكر تفكيراً ناقداً لا يقبل الأفكار والمعتقدات أو يرفضها بدون إجراء تقويم شامل ومحاكمات عقلية لها . وأما أسلوب حل المشكلات فهو أسلوب يتماشى مع الحياة الواقعية . فالحياة عبارة عن سلسلة من المشكلات .
إن استخدام هذا الأسلوب في التدريس ينمي المهارات في مجال البحث عن الحقائق واستخدامها . كما ينمي مهارات التفكير في أثناء البحث عن حلول للمشكلة ، ونظراً لأهمية كل من التفكير الإبداعي والتفكير الناقد وتفكير حل المشكلات أفردنا وحدة خاصة لكل منهما . ويرى الخبراء أننا إذا استطعنا تنمية المهارات الجزئية لأنواع التفكير المذكورة فإننا نكون قد رفعنا معدل الذكاء عند الفرد .
ما هو التفكير ؟
تشتق معلوماتنا عن التفكير من حقلين من حقول المعرفة عادة ً هما الفلسفة وعلم النفس ، والحقل الثالث الذي ظهر حديثاً هو علم جراحة الأعصاب . وقد اعتبر الفلاسفة العقل بمثابة قاعدة للمنطق وأكدوا على دراسة التفكير الناقد من خلال التحليل الجدلي للأمور وتطبيق المنطق عليها . أما علماء النفس فقد اشتغلوا بدراسة آلية عمل الدماغ وأكدوا على دراسة التفكير الإبداعي وكيفية تولد الأفكار في الدماغ .
بيد أن عملية التفكير تشمل الجانبين كليهما : الجانب الناقد والجانب الإبداعي من الدماغ أي أنها تشمل المنطق وتوليد الأفكار كذلك .
إن أي نشاط عقلي سواءً كان في حل المشكلة أو اتخاذ قرار أو محاولة فهم لموضوع ما يتضمن تفكيراً . فالتفكير هو ذلك الشيء الذي يحدث أثناء حل المشكلة وهو الذي يجعل للحياة معنى . وهو أي التفكير عملية واعية يقوم بها الفرد عن وعي وإدراك ولكنها لا تستثني اللا وعي أي أن عملية التفكير يمكن أن تتم في اللاوعي أحياناً . ورغم أن التفكير عملية فردية لكنها لا تتم بمعزل عن البيئة المحيطة . أي أن عملية التفكير تتأثر بالسياق الاجتماعي والسياق الثقافي الذي تتم فيه .
ويمكن القول في ضوء ذلك : إن تعليم التفكير لا يتم بمعزل عن التفاعل مع الآخرين فالطفل المفكر إذن هو الطفل الاجتماعي . وبالإضافة إلى البعدين الاجتماعي والثقافي وأثرهما في التفكير فإن هناك البعد الفيزيائي أي البيئة المادية التي يتعامل معها الفرد فهي التي تشكل المثيرات التي تدعو إلى التفكير . ولهذا البعد أثر لا ينكر في توجيه عملية التفكير . وهناك البعد الفسيولوجي كذلك وأثره الذي لا ينكر . فالتفكير يحدث ضمن البيئة الفسيولوجية للفرد فالعقل السليم في الجسم السليم . وكلما زادت معرفتنا بوظائف الدماغ زاد فهمنا لعملية التفكير . وقد ساهمت جراحة الأعصاب في الآونة الأخيرة في زيادة المعرفة بفسيولوجية التفكير وأثارت توقعات مهمة بالنسبة لطبيعة الذكاء البشري .
المصدر: تعليم التفكير ، د. ابراهيم أحمد مسلم الحارثي،مكتبة الشقري ، الطبعة الثانية ، 2001م الرياض
منقول عن موقع http://www.ibtesama.com/vb
لقد أثير جدل كبير في هذا القرن بين علماء النفس حول هل الذكاء مكتسب أم موروث؟ وكانت قمة الخلاف في المعركة الفكرية التي دارت في مطلع الثمانينات بين هانز أيزنك الذي يمثل المدرسة الوراثية وليون كامن الذي يمثل المدرسة البيئية وطبعت في كتاب بعنوان الذكاء معركة العقل (Intelligence The Battle For The Mind ) وقد قام الدكتور عمر الشيخ مشكوراً بنقل هذا الكتاب إلى العربية ونشره عام 1983 م بعنوان ( الذكاء طبيعته وعواقبه الاجتماعية ) وهو كتاب قيم غفل عنه كثير من التربويين في البلاد العربية .
فما هو الذكاء هل هو قدرة عامة واحدة أم يتكون من عدة قدرات ؟ وهل الذكاء صفة مستقرة ، أي غير قابلة للزيادة ، أم انه صفة قابلة للزيادة ؟ وهل لفوارق الأفراد في الجنس أو العرق أو الطبقة الاجتماعية اثر في فوارق الذكاء بينهم ؟ وهل يمكن زيادة ذكاء الفرد أو التدخل فيه ؟ وكيف يتم ذلك ؟ ثم ما هي العواقب الاجتماعية والتربوية والسياسية المترتبة على ذلك ؟
إن كثيراً من القرارات التربوية والاجتماعية والسياسية تتوقف على نظرتنا في الذكاء بقطع النظر عن كون هذه النظرة صائبة أم لا ؟ فقد يترتب على نظرة المدرسة الوراثية للذكاء التخلي عن التدابير التي تتخذ لرفع مستوى الذكاء عند أفراد الفئات الفقيرة أو المحرومة ثقافياً أو النظر إلى بعض الأعراق البشرية أنها غير مؤهلة للذكاء بحجة أن الذكاء ذو موروثية عالية . كذلك قد تتضمن نظرة المدرسة الوراثية تكريس التمييز العنصري والفوارق الاجتماعية والمهنية بحجة أن مردها إلى درجة كبيرة من الرصيد الوراثي من الذكاء . وقد يستدل المرء بهذه التضمنات أن الوراثيين ينادون بدوام اللا مساواة الاجتماعية وبهيمنة فئة معينة على سائر الفئات . وهذه التضمنات هي بالفعل ما يثير سخط البيئيين وعدد كبير من التربويين والعاملين الاجتماعيين . إذا بموجب هذه النظرة الوراثية يصبح العمل التربوي والعمل الاجتماعي جهداً ضائعاً لا نفع يرجى منه ( عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 6 ).
وقد رأينا بعض آثار المدارس الفكرية السياسية التي بنيت على المدرسة الوراثية مثل نظرية تفوق الرجل الأبيض أو تفوق العنصر النازي أو الفاشية أو نظرية شعب الله المختار وما ترتب على ذلك من حروب وويلات قاست منها الشعوب البشرية في العالم وبخاصة في جنوب أفريقيا وفلسطين المحتلة .
وقد بدأت المدرسة الوراثية تتراجع عن كثير من أفكارها فيما يختص بالذكاء وتنميته . وقد بدأها عالم بارز ينتمي إلى المدرسة الوراثية وهو آرثر جنسن ( Arther Jensen ) بمقالتين نشرهما عامي 1968 ، 1969 م : الأولى في مجلة البحث التربوي الأمريكية( Am . J.E.R ) والثانية في مجلة هارفارد التربوية ( Harvard Ed . Rev ) تركزت في إمكانية تنمية الذكاء وبالتالي التحصيل المدرسي بالبرامج التعويضية التي صممت خصيصاً للطلبة غير المحظوظين ثقافياً والقابلية للتعلم . ( عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 7 ) .
ومما يدعو للاستغراب أن كثيراً من الإيديولوجيات الاجتماعية التي يؤمن بها بعض الباحثين تؤثر على نتائج بحوثهم وقد تدفعهم إلى تزوير الحقائق العلمية و إلى توجيه مسارات البحث لخدمة إيديولوجيتهم بغير وجه حق .
وقد تدفعهم إلى تسويق أفكارهم الخاصة على أنها أفكاراً علمية ، مثلما دفعت باحثاً بارزاً هو سرل بيرت إلى التلفيق والتزوير ( عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 6 ) . وقد لا تستغرب من حماس هانز أيزنك للمدرسة الوراثية فهو من مواليد برلين في ألمانيا عام 1916 م وهذا يعني أنه عايش الفترة التي سيطر فيها الفكر النازي على ألمانيا .
ويقدر الوراثيون المعتدلون أن أهمية البيئة تبلغ ربع أهمية الوراثة . إذ تفسر العوامل الوراثية في رأيهم 80% من الفوارق في الذكاء في حين أن البيئة تفسر 20% منها . (عمر الشيخ ، 1983 م ، ص 8 – 13 ) .
وإن هذا الرأي يقود إلى تناقص شقة الخلاف بين الوراثيين والبيئيين ، بحيث ينحصر الخلاف بينهما في النسبة المئوية للعوامل الوراثية وللعوامل البيئية في تفسير فوارق الذكاء . وتقترب المدرستان مما روي عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه انه قال : " العقل عقلان مطبوع ومسموع ، ولا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع كما لا تنفع العين وضوء الشمس ممنوع " أي أن لكل من العوامل الوراثية والعوامل البيئية أثرها على نمو الذكاء .
ويرى فيشر ( Fisher ) وهو كما يبدو من أنصار المدرسة البيئية أن النظرية القائلة بأن الذكاء مقادير محددة وزعت على الأطفال بكميات متفاوتة أصبحت نظرية قديمة . وقد عارضها كثير من نتائج الأبحاث الميدانية .. وأصبح هدف كثير من الأبحاث معرفة الطرق التي يرفع بها مستوى الذكاء من خلال تعليم مهارات التفكير (Fisher , 1990, P.5 - 13 ) .فنحن ندِّرس الأطفال مجموعة من المهارات مثل مهارات التعبير والمهارات الرياضية والاجتماعية والقرائية والكتابية فلماذا لا ندرِّسهم مهارات التفكير ؟ كثير من الأبحاث الميدانية المعاصرة منصبة على معرفة التفكير ، وهي في الغالب تسعى للإجابة عن أسئلة مثل:
• ما هي خصائص السلوك الذكي ؟
• ما هي الإستراتيجيات التي يمتاز بها المفكر الناضج الناجح ؟
• ما هي نقاط الضعف في التفكير ؟ وكيف نجنب الأطفال هذه النقاط ؟
ومن الأسئلة التي ينبغي أن يعتاد عليها الآباء والمعلمون للأطفال هو : لماذا لا تفكر ...؟
فإذا استطعنا تنمية المهارات التي يتكون منها الذكاء نكون قد نمينا الذكاء .
وإذا لم يشجع الأطفال على التفكير بأنواعه منذ الصغر سوف يتوقفون عن التفكير والتأمل ، في حال أنهم في حاجة ماسة للتفكير الإبداعي والتفكير الناقد ليحضروا أنفسهم للتكيف في عالم سريع التغير ويتمكنوا من حل المشكلات التي تواجههم . فماذا نقصد بهذه المصطلحات ؟ وما هو التفكير الإبداعي ؟ وكيف يمكن تشجيعه ؟
يمكن القول بكثير من الثقة : إن التفكير الإبداعي هو إعادة ترتيب ما تعرفه بطريقة تؤدي لمعرفة ما لا تعرفه .
والتفكير الإبداعي هو القدرة على أن تنظر نظرة جديدة إلى المستقرات والأشياء التي تعتبرها من الأشياء المسلم بها . إن التفكير الإبداعي يمثل السياق اللازم للاكتشافات وتوليد النظريات والفرضيات . أما التفكير الناقد فهو السياق اللازم لتوليد الاختبارات والتبريرات وقبول المنطق والبرهان .
والمقصود بالتفكير الناقد في سياق تعليم التفكير ليس ذلك التفكير الذي يبحث عن الأخطاء أو الجوانب السلبية فقط ولكنه التفكير الذي يقدر العقل والمنطق . إن الطالب الذي يفكر تفكيراً ناقداً لا يقبل الأفكار والمعتقدات أو يرفضها بدون إجراء تقويم شامل ومحاكمات عقلية لها . وأما أسلوب حل المشكلات فهو أسلوب يتماشى مع الحياة الواقعية . فالحياة عبارة عن سلسلة من المشكلات .
إن استخدام هذا الأسلوب في التدريس ينمي المهارات في مجال البحث عن الحقائق واستخدامها . كما ينمي مهارات التفكير في أثناء البحث عن حلول للمشكلة ، ونظراً لأهمية كل من التفكير الإبداعي والتفكير الناقد وتفكير حل المشكلات أفردنا وحدة خاصة لكل منهما . ويرى الخبراء أننا إذا استطعنا تنمية المهارات الجزئية لأنواع التفكير المذكورة فإننا نكون قد رفعنا معدل الذكاء عند الفرد .
ما هو التفكير ؟
تشتق معلوماتنا عن التفكير من حقلين من حقول المعرفة عادة ً هما الفلسفة وعلم النفس ، والحقل الثالث الذي ظهر حديثاً هو علم جراحة الأعصاب . وقد اعتبر الفلاسفة العقل بمثابة قاعدة للمنطق وأكدوا على دراسة التفكير الناقد من خلال التحليل الجدلي للأمور وتطبيق المنطق عليها . أما علماء النفس فقد اشتغلوا بدراسة آلية عمل الدماغ وأكدوا على دراسة التفكير الإبداعي وكيفية تولد الأفكار في الدماغ .
بيد أن عملية التفكير تشمل الجانبين كليهما : الجانب الناقد والجانب الإبداعي من الدماغ أي أنها تشمل المنطق وتوليد الأفكار كذلك .
إن أي نشاط عقلي سواءً كان في حل المشكلة أو اتخاذ قرار أو محاولة فهم لموضوع ما يتضمن تفكيراً . فالتفكير هو ذلك الشيء الذي يحدث أثناء حل المشكلة وهو الذي يجعل للحياة معنى . وهو أي التفكير عملية واعية يقوم بها الفرد عن وعي وإدراك ولكنها لا تستثني اللا وعي أي أن عملية التفكير يمكن أن تتم في اللاوعي أحياناً . ورغم أن التفكير عملية فردية لكنها لا تتم بمعزل عن البيئة المحيطة . أي أن عملية التفكير تتأثر بالسياق الاجتماعي والسياق الثقافي الذي تتم فيه .
ويمكن القول في ضوء ذلك : إن تعليم التفكير لا يتم بمعزل عن التفاعل مع الآخرين فالطفل المفكر إذن هو الطفل الاجتماعي . وبالإضافة إلى البعدين الاجتماعي والثقافي وأثرهما في التفكير فإن هناك البعد الفيزيائي أي البيئة المادية التي يتعامل معها الفرد فهي التي تشكل المثيرات التي تدعو إلى التفكير . ولهذا البعد أثر لا ينكر في توجيه عملية التفكير . وهناك البعد الفسيولوجي كذلك وأثره الذي لا ينكر . فالتفكير يحدث ضمن البيئة الفسيولوجية للفرد فالعقل السليم في الجسم السليم . وكلما زادت معرفتنا بوظائف الدماغ زاد فهمنا لعملية التفكير . وقد ساهمت جراحة الأعصاب في الآونة الأخيرة في زيادة المعرفة بفسيولوجية التفكير وأثارت توقعات مهمة بالنسبة لطبيعة الذكاء البشري .
المصدر: تعليم التفكير ، د. ابراهيم أحمد مسلم الحارثي،مكتبة الشقري ، الطبعة الثانية ، 2001م الرياض
منقول عن موقع http://www.ibtesama.com/vb
الخميس أكتوبر 06, 2011 8:31 pm من طرف hytham h
» معلومات مهمة أغلبكم لا يعرفها
الخميس أكتوبر 06, 2011 8:30 pm من طرف hytham h
» معلومات مهمة أغلبكم لا يعرفها
الخميس أكتوبر 06, 2011 8:26 pm من طرف hytham h
» معلومات مهمة أغلبكم لا يعرفها
الخميس أكتوبر 06, 2011 8:25 pm من طرف hytham h
» سؤال جميل جداً..لماذا لا تحترق الحجارة؟
الأربعاء أكتوبر 05, 2011 9:55 pm من طرف hytham h
» مهارات وذوقيات لنرتقي بمجتمعنا
الإثنين سبتمبر 19, 2011 4:33 pm من طرف Maysan
» بخل وراثي جدا
الإثنين سبتمبر 19, 2011 12:03 pm من طرف Maysan
» النكتة اليابانية الأمريكية
الإثنين سبتمبر 19, 2011 11:58 am من طرف Maysan
» أفكار محشش.هل تكون واقعية؟
الإثنين سبتمبر 19, 2011 11:49 am من طرف Maysan