لو أراد أي رئيس أمريكي، حل مشكلة الشرق الأوسط، في أي مرحلة من مراحلها، لفعل، وذلك بالضغط على “إسرائيل” ووقف سيل الأموال والمساعدات الأمريكية التي تُغدَق عليها .
وقد بدا لوهلة أن الرئيس الأمريكي الحالي يمكن أن يفعل ذلك، عندما اشترط على “إسرائيل” وقف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة . ولكنه عاد وسحب هذا الشرط معلناً استسلامه للإرادة الصهيونية، كما يفصّل ذلك، “ألان هارت” في موقع “انفورماشِن كليرنغ هاوس” .
أعلن أوباما ذلك الاستسلام بسبع كلمات، إذ قال “إننا لا نستطيع، أساساً، أن نفرض حلا” .
وكان يتحدث في البيت الأبيض في اليوم السابق لبدء الجولة الجديدة من المحادثات المباشرة بين رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، والزعيم الفلسطيني محمود عباس، بعد أن التقى مع الرئيس المصري، حسني مبارك، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني .
واليوم ثمة عدد متزايد من المطلعين على أمور هذه القضية، يعتقدون على اختلاف مشاربهم، أنه لا يمكن إحلال السلام إلاّ إذا فُرض فرضاً .
من بين الذين تجرأوا على الجهر بهذا الرأي، أحد أبر اليهود في عصرنا الحاضر، وهو هنري سيغمان . وكان سيغمان المدير القومي السابق للمؤتمر اليهودي الأمريكي، وهو رئيس مشروع الشرق الأوسط الأمريكي، الذي كان جزءاً من مجلس العلاقات الخارجية، من 1994 حتى ،2006 عندما تم تأسيسه كمعهد للسياسة المستقلة . كما ان سيغمان أستاذ باحث في برنامج جوزيف هوتونغ للشرق الأوسط في جامعة لندن . وخلال انخراطه على مدى أكثر من 30 سنة في عملية السلام في الشرق الأوسط، كان ينشر أبحاثه حول الموضوع بكثافة، كما كان يستشار من قبل الحكومات، والوكالات الدولية، والمنظمات غير الحكومية المعنية بعملية السلام .
وقد كتب في مقالة نشرها في صحيفة “فايناشيال تايمز” في 23 فبراير/ شباط ،2010 قال فيها:
لقد مرت عملية السلام في الشرق الأوسط، ومساعيها لحل الدولتين الجارية منذ نحو عشرين سنة منذ اتفاقات اوسلو، بتحولين أساسيين . وهي الآن على شفا تحول ثالث .
“كان التحول الأول تخطي “إسرائيل” العتبة في مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية؛ فلم يعد ثمة أي احتمال لإزالة المستوطنات من قِبل الحكومة “الإسرائيلية” الحالية أو أي حكومة تأتي في المستقبل، وهو الأمر الذي كان الهدف المحدد للتواصل الاستيطاني “الإسرائيلي” العنيد طوال الوقت . فلم يتمكن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق، ايهود اولمرت، الذي أعلن أن اتفاق السلام يتطلب أن تنسحب “إسرائيل” “من معظم، إن لم يكن كل” المناطق المحتلة، “بما فيها القدس الشرقية”، من إزالة حتى أي من المواقع الأمامية العشرين المقامة على رؤوس التلال، التي كانت “إسرائيل” قد وعدت بإزالتها .
“ولذلك، فإنّ حل الدولتين، لا يمكن أن يتحقق إلاّ إذا أجبِرتْ “إسرائيل” على الانسحاب إلى حدود ما قبل ،1967 من قِبل قوة خارجية لا تستطيع الحكومة “الإسرائيلية” أن تتحدّى رغباتها - وهي الولايات المتحدة . وكان الافتراض على الدوام هو، أنه في الوقت الذي تتصادم فيه طموحات “إسرائيل” الكولونيالية مع المصالح القومية الحساسة للولايات المتحدة، فسوف يستخدم رئيسٌ أمريكي الأموال الطائلة الذي تغدقها الولايات المتحدة على “إسرائيل”، في الإصرار على أن تفكك “إسرائيل” مستوطناتها غير الشرعية، التي دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الاعتقاد بأنها العقبة الرئيسية في طريق اتفاق سلام .
“والتحول الثاني نشأ من تحطيم ذلك الافتراض، عندما تراجع الرئيس باراك أوباما- الذي اتخذ موقفاً معارضاً للمستوطنات “الإسرائيلية”، أقوى من مواقف كل أسلافه، وفعل ذلك عندما تجلى الضرر الذي يسببه هذا الصراع الذي لا ينتهي، للمصالح الأمريكية أكثر من أي وقت مضى- بطريقة مخزية أمام اعتراض رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو على هذا الطلب . وقد شلّ ذلك، احتمالات تحقيق اتفاق على دولتين عن الحركة” .
وفي 16 أغسطس/ آب، وضمن مقالة نشرها في موقع “هفنغتون بوست”، أضاف سيغمان: “إن معظم “الإسرائيليين”، وبخاصة الحكومة الحالية، ظلوا يتجاهلون بسرور، الإدانات الدولية المتكررة لقيام “إسرائيل” بانتظام، بسرقة الأراضي الفلسطينية، التي توطّن عليها سكانها اليهود، في انتهاك سافر للقانون الدولي . ومع ذلك، فإن ردّ فعلهم على ما يعتبرونه هجوماً على “شرعية” دولة “إسرائيل”، ذلك المفهوم الغريب عن القانون الدولي، يقودهم الى حافة الهستيريا، فيما يبدو .
“وفي حقيقة الأمر، لم تتعرض شرعية “إسرائيل” ضمن حدودها قبل 1967 لأي تحدّ من قِبل المجتمع الدولي . بل إن سلوكها بشأن الأراضي التي تقع خارج حدودها، هو الذي يعترض عليه المجتمع الدولي - بما فيه كل الإدارات الأمريكية . وتفسير إدانة انتهاكات القانون الدولي بأنها عداء للسامية، منافٍ للعقل والمنطق” .
“ليس ذلك سعياً لنزع الشرعية عن الدولة اليهودية، بدافع معاداة السامية، ولكن تيودور ميرون، وهو قاضٍ دولي محترم، والمستشار القانوني لوزارة الخارجية “الإسرائيلية”، هو الذي نقل في أعقاب حرب ،1967 الرأي التالي إلى وزير الخارجية “الإسرائيلي”، أبا ايبان: “إن الاستيطان المدني في المناطق المدارة يتناقض بصورة سافرة مع اتفاقية جنيف الرابعة”، الموقعة عليها “إسرائيل” . وحظْرُ تلك الاتفاقية لنقل السكان “مطلق وليس مشروطاً بدوافعه، أو ظروفه الموضوعية . وهدف الاتفاقية هو منع استيطان مواطني الدولة التي تمارس الاحتلال، في المناطق المحتلة” .
إذن، يعرف زعماء “إسرائيل” أن المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة سنة 1967 غير شرعية . ولكنهم لم يأبهوا (ولا يزالون اليوم لا يأبهون) بالقانون الدولي . ولكن هذا الموقف، وهو مزيج من العجرفة المتطرفة، والإحساس المطلق بالأحقية، لا يجعلهم الشخصية الأكثر شرّاً في قصة ما حدث بعد يونيو/ حزيران 1967 . بل كانت تلك الشخصية (ولا تزال)، حكومات الدول الكبرى، وحكومة واشنطن على رأسها .
إن ما كان ينبغي على تلك الحكومات أن تقوله ل “إسرائيل” فور انتهاء حرب ،1967 هو: “لا يحق لكم بناء أي مستوطنات في الأراضي العربية المحتلة . فإن فعلتم، فإنكم بذلك تبدون ازدراءكم للقانون الدولي . وفي هذه الحالة، سوف يعلن المجتمع الدولي، “إسرائيل” دولة خارجة عن القانون، ومعرضة للعقوبات” .
ولو تُلي مثل ذلك الأمر على مسامع “إسرائيل”، لكان السلام قد تحقق منذ سنوات طويلة . وكان ياسر عرفات البراغماتي، قد راض نفسه على مضض، على تقبّل وجود “إسرائيل” داخل حدودها لما قبل 1967 منذ سنة 1968 . وفي خطاب البندقية وغصن الزيتون، الذي ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني ،1974 قال ذلك في تلميح واضح . وبعد ذلك، عرّض مصداقيته في نظر زملائه في القيادة وفي نظر شعبه، بل عرّض حياته ذاتها للخطر، من أجل الحصول على تفويض للتوصل إلى تسوية لم تكن واردة في الذهن، مع “إسرائيل” . وقد حصل على ذلك التفويض في نهاية ،1979 عندما صوت المجلس الوطني الفلسطيني بأغلبية 296 صوتاً مقابل 4 أصوات، بالموافقة على سياسته المتقبلة لوجود دولتين . وما كان يحتاج اليه بعد ذلك، هو وجود شريك “إسرائيلي” للسلام . وفي نهاية الأمر، حصل على ذلك الشريك المحتمل، إسحاق رابين، ولكن هذا اغتيل على يد متعصب صهيوني . وكلما كان يتضح بصورة أكبر أن زعماء “إسرائيل” غير معنيين بحل أصيل على أساس وجود دولتين، وهو الحل الذي هيأ عرفات له الأجواء في الجانب الفلسطيني، كلما كانت مصداقيته لدى شعبه تعاني المشكلات .
وفي هذا السياق الموجز، تكتسب كلمات أوباما السبع معناها . وفي وقت كتابة هذه المقالة، يبدو واضحاً أن أوباما يأمل في إمكان رشو عباس، وزملائه من قيادات فتح، الذين ضعفت الثقة بهم بالقدر نفسه، وإجباره على قبول ما يقدمه نتنياهو في نهاية الأمر - وهو فتات المائدة الصهيونية . (وفي اعتقادي أن عباس سوف يستقيل عندما تصل الأمور نقطة معينة، بدلاً من إشعال فتيل حرب فلسطينية أهلية) . والسؤال هو: ماذا سيفعل أوباما عندما ترفض “إسرائيل” أن تعطي ما يكفي لتلبية مطالب واحتياجات الشعب الفلسطيني، إلى قدر مقبول من العدل؟
إننا نعرف الجواب سلفاً: “أمريكا، لا تقدر، أساساً، أن تفرض حلا” .
وفي واقع الأمر، تقول هذه الكلمات السبع لزعماء “إسرائيل”، أن بوسعهم المضيّ قدُماً في فرض إرادتهم على الفلسطينيين المحتلين والمقموعين، مع الاطمئنان إلى أن أوباما لن يستخدم النفوذ الذي يملكه، والذي ملكه كل رئيس أمريكي قبله، لحملهم، أو محاولة حملهم، على الجدية، بشأن السلام، بشروط يمكن أن يقبلها الفلسطينيون، ومعظم العرب والمسلمين في كل مكان، وتكون مقبولة لدى أي حكومة “إسرائيلية” عقلانية، ولدى الشعب “الإسرائيلي” .
وبكلمات أخرى، فإن هذه الكلمات السبع، بمثابة الضوء الأخضر للصهيونية لكي تقرر بمفردها مستقبل الفلسطينيين، ذلك المستقبل، الذي سيشهد على الأرجح في مرحلة ما، التطهير العرقي النهائي لفلسطين، ويتلوه تحول عظيم آخر ضد اليهود (باستفزاز من سلوك الدولة الصهيونية) وصدام حضارات، يهودي مسيحي، مع الاسلام .
وفي تحليل كتبه - يوم قال أوباما كلماته السبع - محرر شؤون الشرق الأوسط في هيئة الإذاعة البريطانية، جيرمي بوين، طرح الفكرة التالية . “قد لا يكون ثمة متسع للمزيد من الإخفاقات . فالصراع آخذ بالتحول . إذ يتم الآن تركيب غصنِ حربٍ دينية، على ساقِ ما اعتاد أن يكون في الأصل منافسة على الأراضي بين حركتين قوميتين . وأنت تستطيع التفاهم مع القوميين . ولكن ذلك، أصعب بكثير مع أناس يعتقدون أنهم ينفذون مشيئة الله” .
والسؤال التالي الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا يكون أوباما الرئيس الذي يدعو إلى محاسبة “إسرائيل” على جرائمها، ويحاسبها عليها، على الرغم من أن فعل ذلك، ضروري لتوفير أفضل حماية للولايات المتحدة ومصالحها؟
إن جزءاً من الجواب، بطبيعة الحال، هو أنه لم يعُد راغباً أكثر من أي من أسلافه في مواجهة اللوبي الصهيوني وأدواته في الكونغرس وفي وسائل الإعلام السائدة .
وقد بدا لوهلة أن الرئيس الأمريكي الحالي يمكن أن يفعل ذلك، عندما اشترط على “إسرائيل” وقف الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة . ولكنه عاد وسحب هذا الشرط معلناً استسلامه للإرادة الصهيونية، كما يفصّل ذلك، “ألان هارت” في موقع “انفورماشِن كليرنغ هاوس” .
أعلن أوباما ذلك الاستسلام بسبع كلمات، إذ قال “إننا لا نستطيع، أساساً، أن نفرض حلا” .
وكان يتحدث في البيت الأبيض في اليوم السابق لبدء الجولة الجديدة من المحادثات المباشرة بين رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، والزعيم الفلسطيني محمود عباس، بعد أن التقى مع الرئيس المصري، حسني مبارك، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني .
واليوم ثمة عدد متزايد من المطلعين على أمور هذه القضية، يعتقدون على اختلاف مشاربهم، أنه لا يمكن إحلال السلام إلاّ إذا فُرض فرضاً .
من بين الذين تجرأوا على الجهر بهذا الرأي، أحد أبر اليهود في عصرنا الحاضر، وهو هنري سيغمان . وكان سيغمان المدير القومي السابق للمؤتمر اليهودي الأمريكي، وهو رئيس مشروع الشرق الأوسط الأمريكي، الذي كان جزءاً من مجلس العلاقات الخارجية، من 1994 حتى ،2006 عندما تم تأسيسه كمعهد للسياسة المستقلة . كما ان سيغمان أستاذ باحث في برنامج جوزيف هوتونغ للشرق الأوسط في جامعة لندن . وخلال انخراطه على مدى أكثر من 30 سنة في عملية السلام في الشرق الأوسط، كان ينشر أبحاثه حول الموضوع بكثافة، كما كان يستشار من قبل الحكومات، والوكالات الدولية، والمنظمات غير الحكومية المعنية بعملية السلام .
وقد كتب في مقالة نشرها في صحيفة “فايناشيال تايمز” في 23 فبراير/ شباط ،2010 قال فيها:
لقد مرت عملية السلام في الشرق الأوسط، ومساعيها لحل الدولتين الجارية منذ نحو عشرين سنة منذ اتفاقات اوسلو، بتحولين أساسيين . وهي الآن على شفا تحول ثالث .
“كان التحول الأول تخطي “إسرائيل” العتبة في مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية؛ فلم يعد ثمة أي احتمال لإزالة المستوطنات من قِبل الحكومة “الإسرائيلية” الحالية أو أي حكومة تأتي في المستقبل، وهو الأمر الذي كان الهدف المحدد للتواصل الاستيطاني “الإسرائيلي” العنيد طوال الوقت . فلم يتمكن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق، ايهود اولمرت، الذي أعلن أن اتفاق السلام يتطلب أن تنسحب “إسرائيل” “من معظم، إن لم يكن كل” المناطق المحتلة، “بما فيها القدس الشرقية”، من إزالة حتى أي من المواقع الأمامية العشرين المقامة على رؤوس التلال، التي كانت “إسرائيل” قد وعدت بإزالتها .
“ولذلك، فإنّ حل الدولتين، لا يمكن أن يتحقق إلاّ إذا أجبِرتْ “إسرائيل” على الانسحاب إلى حدود ما قبل ،1967 من قِبل قوة خارجية لا تستطيع الحكومة “الإسرائيلية” أن تتحدّى رغباتها - وهي الولايات المتحدة . وكان الافتراض على الدوام هو، أنه في الوقت الذي تتصادم فيه طموحات “إسرائيل” الكولونيالية مع المصالح القومية الحساسة للولايات المتحدة، فسوف يستخدم رئيسٌ أمريكي الأموال الطائلة الذي تغدقها الولايات المتحدة على “إسرائيل”، في الإصرار على أن تفكك “إسرائيل” مستوطناتها غير الشرعية، التي دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الاعتقاد بأنها العقبة الرئيسية في طريق اتفاق سلام .
“والتحول الثاني نشأ من تحطيم ذلك الافتراض، عندما تراجع الرئيس باراك أوباما- الذي اتخذ موقفاً معارضاً للمستوطنات “الإسرائيلية”، أقوى من مواقف كل أسلافه، وفعل ذلك عندما تجلى الضرر الذي يسببه هذا الصراع الذي لا ينتهي، للمصالح الأمريكية أكثر من أي وقت مضى- بطريقة مخزية أمام اعتراض رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو على هذا الطلب . وقد شلّ ذلك، احتمالات تحقيق اتفاق على دولتين عن الحركة” .
وفي 16 أغسطس/ آب، وضمن مقالة نشرها في موقع “هفنغتون بوست”، أضاف سيغمان: “إن معظم “الإسرائيليين”، وبخاصة الحكومة الحالية، ظلوا يتجاهلون بسرور، الإدانات الدولية المتكررة لقيام “إسرائيل” بانتظام، بسرقة الأراضي الفلسطينية، التي توطّن عليها سكانها اليهود، في انتهاك سافر للقانون الدولي . ومع ذلك، فإن ردّ فعلهم على ما يعتبرونه هجوماً على “شرعية” دولة “إسرائيل”، ذلك المفهوم الغريب عن القانون الدولي، يقودهم الى حافة الهستيريا، فيما يبدو .
“وفي حقيقة الأمر، لم تتعرض شرعية “إسرائيل” ضمن حدودها قبل 1967 لأي تحدّ من قِبل المجتمع الدولي . بل إن سلوكها بشأن الأراضي التي تقع خارج حدودها، هو الذي يعترض عليه المجتمع الدولي - بما فيه كل الإدارات الأمريكية . وتفسير إدانة انتهاكات القانون الدولي بأنها عداء للسامية، منافٍ للعقل والمنطق” .
“ليس ذلك سعياً لنزع الشرعية عن الدولة اليهودية، بدافع معاداة السامية، ولكن تيودور ميرون، وهو قاضٍ دولي محترم، والمستشار القانوني لوزارة الخارجية “الإسرائيلية”، هو الذي نقل في أعقاب حرب ،1967 الرأي التالي إلى وزير الخارجية “الإسرائيلي”، أبا ايبان: “إن الاستيطان المدني في المناطق المدارة يتناقض بصورة سافرة مع اتفاقية جنيف الرابعة”، الموقعة عليها “إسرائيل” . وحظْرُ تلك الاتفاقية لنقل السكان “مطلق وليس مشروطاً بدوافعه، أو ظروفه الموضوعية . وهدف الاتفاقية هو منع استيطان مواطني الدولة التي تمارس الاحتلال، في المناطق المحتلة” .
إذن، يعرف زعماء “إسرائيل” أن المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة سنة 1967 غير شرعية . ولكنهم لم يأبهوا (ولا يزالون اليوم لا يأبهون) بالقانون الدولي . ولكن هذا الموقف، وهو مزيج من العجرفة المتطرفة، والإحساس المطلق بالأحقية، لا يجعلهم الشخصية الأكثر شرّاً في قصة ما حدث بعد يونيو/ حزيران 1967 . بل كانت تلك الشخصية (ولا تزال)، حكومات الدول الكبرى، وحكومة واشنطن على رأسها .
إن ما كان ينبغي على تلك الحكومات أن تقوله ل “إسرائيل” فور انتهاء حرب ،1967 هو: “لا يحق لكم بناء أي مستوطنات في الأراضي العربية المحتلة . فإن فعلتم، فإنكم بذلك تبدون ازدراءكم للقانون الدولي . وفي هذه الحالة، سوف يعلن المجتمع الدولي، “إسرائيل” دولة خارجة عن القانون، ومعرضة للعقوبات” .
ولو تُلي مثل ذلك الأمر على مسامع “إسرائيل”، لكان السلام قد تحقق منذ سنوات طويلة . وكان ياسر عرفات البراغماتي، قد راض نفسه على مضض، على تقبّل وجود “إسرائيل” داخل حدودها لما قبل 1967 منذ سنة 1968 . وفي خطاب البندقية وغصن الزيتون، الذي ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني ،1974 قال ذلك في تلميح واضح . وبعد ذلك، عرّض مصداقيته في نظر زملائه في القيادة وفي نظر شعبه، بل عرّض حياته ذاتها للخطر، من أجل الحصول على تفويض للتوصل إلى تسوية لم تكن واردة في الذهن، مع “إسرائيل” . وقد حصل على ذلك التفويض في نهاية ،1979 عندما صوت المجلس الوطني الفلسطيني بأغلبية 296 صوتاً مقابل 4 أصوات، بالموافقة على سياسته المتقبلة لوجود دولتين . وما كان يحتاج اليه بعد ذلك، هو وجود شريك “إسرائيلي” للسلام . وفي نهاية الأمر، حصل على ذلك الشريك المحتمل، إسحاق رابين، ولكن هذا اغتيل على يد متعصب صهيوني . وكلما كان يتضح بصورة أكبر أن زعماء “إسرائيل” غير معنيين بحل أصيل على أساس وجود دولتين، وهو الحل الذي هيأ عرفات له الأجواء في الجانب الفلسطيني، كلما كانت مصداقيته لدى شعبه تعاني المشكلات .
وفي هذا السياق الموجز، تكتسب كلمات أوباما السبع معناها . وفي وقت كتابة هذه المقالة، يبدو واضحاً أن أوباما يأمل في إمكان رشو عباس، وزملائه من قيادات فتح، الذين ضعفت الثقة بهم بالقدر نفسه، وإجباره على قبول ما يقدمه نتنياهو في نهاية الأمر - وهو فتات المائدة الصهيونية . (وفي اعتقادي أن عباس سوف يستقيل عندما تصل الأمور نقطة معينة، بدلاً من إشعال فتيل حرب فلسطينية أهلية) . والسؤال هو: ماذا سيفعل أوباما عندما ترفض “إسرائيل” أن تعطي ما يكفي لتلبية مطالب واحتياجات الشعب الفلسطيني، إلى قدر مقبول من العدل؟
إننا نعرف الجواب سلفاً: “أمريكا، لا تقدر، أساساً، أن تفرض حلا” .
وفي واقع الأمر، تقول هذه الكلمات السبع لزعماء “إسرائيل”، أن بوسعهم المضيّ قدُماً في فرض إرادتهم على الفلسطينيين المحتلين والمقموعين، مع الاطمئنان إلى أن أوباما لن يستخدم النفوذ الذي يملكه، والذي ملكه كل رئيس أمريكي قبله، لحملهم، أو محاولة حملهم، على الجدية، بشأن السلام، بشروط يمكن أن يقبلها الفلسطينيون، ومعظم العرب والمسلمين في كل مكان، وتكون مقبولة لدى أي حكومة “إسرائيلية” عقلانية، ولدى الشعب “الإسرائيلي” .
وبكلمات أخرى، فإن هذه الكلمات السبع، بمثابة الضوء الأخضر للصهيونية لكي تقرر بمفردها مستقبل الفلسطينيين، ذلك المستقبل، الذي سيشهد على الأرجح في مرحلة ما، التطهير العرقي النهائي لفلسطين، ويتلوه تحول عظيم آخر ضد اليهود (باستفزاز من سلوك الدولة الصهيونية) وصدام حضارات، يهودي مسيحي، مع الاسلام .
وفي تحليل كتبه - يوم قال أوباما كلماته السبع - محرر شؤون الشرق الأوسط في هيئة الإذاعة البريطانية، جيرمي بوين، طرح الفكرة التالية . “قد لا يكون ثمة متسع للمزيد من الإخفاقات . فالصراع آخذ بالتحول . إذ يتم الآن تركيب غصنِ حربٍ دينية، على ساقِ ما اعتاد أن يكون في الأصل منافسة على الأراضي بين حركتين قوميتين . وأنت تستطيع التفاهم مع القوميين . ولكن ذلك، أصعب بكثير مع أناس يعتقدون أنهم ينفذون مشيئة الله” .
والسؤال التالي الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا يكون أوباما الرئيس الذي يدعو إلى محاسبة “إسرائيل” على جرائمها، ويحاسبها عليها، على الرغم من أن فعل ذلك، ضروري لتوفير أفضل حماية للولايات المتحدة ومصالحها؟
إن جزءاً من الجواب، بطبيعة الحال، هو أنه لم يعُد راغباً أكثر من أي من أسلافه في مواجهة اللوبي الصهيوني وأدواته في الكونغرس وفي وسائل الإعلام السائدة .
» معلومات مهمة أغلبكم لا يعرفها
» معلومات مهمة أغلبكم لا يعرفها
» معلومات مهمة أغلبكم لا يعرفها
» سؤال جميل جداً..لماذا لا تحترق الحجارة؟
» مهارات وذوقيات لنرتقي بمجتمعنا
» بخل وراثي جدا
» النكتة اليابانية الأمريكية
» أفكار محشش.هل تكون واقعية؟